خمس سنوات من التغييرات: كيف أصبحت قوانين الهجرة في السويد أكثر صرامة – وماذا يعني ذلك للناس والعدالة

خمس سنوات من التغييرات: كيف أصبحت قوانين الهجرة في السويد أكثر صرامة – وماذا يعني ذلك للناس والعدالة

خلال السنوات الأخيرة، شهدت قوانين الهجرة والإقامة في السويد تغييرات كبيرة.
من تفعيل توجيه الاتحاد الأوروبي للاجئين القادمين من أوكرانيا عام 2022، إلى إلغاء ما يُعرف بـ”تبديل المسار” عام 2025، أصبح النظام أكثر تشدداً خطوة بعد خطوة.

ورغم أن الحكومة تقول إن الهدف هو “النظام والانضباط في الهجرة”، يرى كثير من الخبراء والمحامين أن النتيجة هي تراجع العدالة القانونية وزيادة معاناة الناس وصعوبة الاندماج في المجتمع.

فيما يلي أهم خمس تغييرات حدثت، وتأثيرها على المهاجرين والمجتمع.

حماية مؤقتة للأوكرانيين – لكنها غير مستقرة

في 4 مارس 2022 فعّل الاتحاد الأوروبي ما يسمى بـ توجيه الحماية الجماعية للأشخاص الذين هربوا من الحرب في أوكرانيا.
وبموجب هذا القرار حصل اللاجئون على إقامة مؤقتة، وحق في العمل، وسكن تنظمه البلديات السويدية.

لكن رغم أن القرار ساعد في إنقاذ الناس بسرعة، إلا أن الإقامة المؤقتة لا تمنح استقراراً حقيقياً. فهي تُجدد كل سنة فقط، مما يجعل من الصعب على اللاجئين التخطيط للمستقبل أو الاندماج في سوق العمل.
بعض الخبراء يرون أن هذا يخلق مجموعة من الناس “مؤقتين بشكل دائم” – يعيشون ويعملون، لكن دون أمان حقيقي.

رفع شرط الدخل للعمل في السويد

ابتداءً من 1 نوفمبر 2023، أصبحت القوانين الخاصة بتصريح العمل أكثر صرامة.
فالموظف القادم من خارج الاتحاد الأوروبي يجب أن يتقاضى ما لا يقل عن 80٪ من متوسط الأجور في السويد ليُعتبر قادراً على “إعالة نفسه”.

الهدف المعلن هو منع استغلال العمال، لكن هذا القرار أثّر سلباً على العمال ذوي الدخل المتوسط والمنخفض، مثل العاملين في قطاع الرعاية أو المطاعم.
فالكثير من الأشخاص الذين كانوا يعملون بشكل قانوني فقدوا حقهم في تجديد الإقامة لأن رواتبهم أقل من الحد المطلوب.
حتى بعض أرباب العمل وجدوا صعوبة في الاحتفاظ بموظفيهم.

النتيجة: سوق عمل أكثر صعوبة، وخوف متزايد بين العمال الأجانب وأصحاب الشركات الصغيرة.

قيود جديدة على لمّ الشمل والحالات الإنسانية

منذ 1 ديسمبر 2023، أصبحت شروط لمّ الشمل أكثر تشدداً، كما تم تقليص الحالات التي يمكن فيها منح إقامة لأسباب إنسانية.
على سبيل المثال، ارتفع سنّ الأبناء الذين يمكن لمّ شملهم من 18 إلى 21 عاماً، كما أصبح من الصعب الحصول على استثناء من شرط الدخل.

منظمات مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) والصليب الأحمر انتقدت هذه القوانين لأنها تفصل العائلات لفترات أطول.
كما يرى بعض المحامين أن هذه التغييرات تجعل لمّ الشمل ممكناً فقط للأشخاص ذوي الدخل العالي، أي أن القانون أصبح يميز بين الناس حسب وضعهم المالي.

تشديد شروط الجنسية للشباب

في 1 أكتوبر 2024، دخلت قواعد جديدة للحصول على الجنسية السويدية حيّز التنفيذ.
الشباب بين 15 و21 عاماً يخضعون الآن لفحص أكثر صرامة في ما يتعلق بـ”حُسن السيرة والسلوك”، كما زادت الرسوم لبعض الطلبات.

انتقد مجلس نقابة المحامين وعدد من أساتذة القانون هذه التغييرات، لأن المراهقين يُعاملون الآن كما لو كانوا بالغين تماماً، حتى في حالات الأخطاء الصغيرة.
وهذا قد يجعل بعض الشباب يعيشون لسنوات طويلة في السويد دون أن يحصلوا على الجنسية، رغم أنهم وُلدوا أو نشأوا هنا.

إلغاء “تبديل المسار” وتشديد قوانين الترحيل

في 1 أبريل 2025 سيتم إلغاء ما يُعرف بـ تبديل المسار، وهو النظام الذي كان يسمح لطالب اللجوء الذي رُفض طلبه بالبقاء في السويد إذا حصل على عمل.
الآن لم يعد ذلك ممكناً، حتى لو كان الشخص يعمل ويدفع الضرائب.

كذلك تم تعديل قانون تقادم قرارات الترحيل: فبدلاً من أن يبدأ العدّ التنازلي بعد صدور القرار، سيبدأ فقط عندما يغادر الشخص السويد فعلاً.
هذا يعني أن من يبقى في البلاد دون تصريح لن يستفيد من مرور الوقت، وقد يحصل أيضاً على منع أطول من دخول السويد مستقبلاً.

الخبراء في حقوق الإنسان يعتبرون هذا تراجعاً كبيراً في مبدأ العدالة، لأن الشخص المرفوض يصبح عالقاً: لا يمكنه البقاء قانونياً، ولا يستطيع العودة بسهولة لبلده.

القاسم المشترك بين هذه التغييرات هو المؤقت والرقابة والقلق

جميع هذه القوانين تسير في اتجاه واحد:

  • الإقامات أصبحت أكثر مؤقتة.

  • فرص البقاء أصبحت أقل.

  • والقرارات القانونية أصبحت أكثر غموضاً وتخضع للسياسة.

عدد من الباحثين في جامعات ستوكهولم ولوند أشاروا إلى أن قوانين الهجرة السويدية تتغير بسرعة كبيرة، أحياناً دون دراسات كافية أو وقت للمراجعة، مما يؤدي إلى ارتباك في تفسيرها وتطبيقها.

النتيجة هي أن آلاف الأشخاص يعيشون اليوم في وضع غير مستقر – يعملون ويدرسون ويندمجون في المجتمع، لكن دون أمان قانوني أو مستقبل واضح.

البعد القانوني: ضعف في مبادئ العدالة

من الناحية القانونية، يرى المحامون أن هذه التغييرات أدت إلى إضعاف الأسس التي يقوم عليها القانون السويدي.
فمبدأ المساواة أمام القانون يتأثر عندما تُوضع شروط مالية تمنح الأفضلية لفئة على أخرى.
كما أن مبدأ التناسب في القرارات الحكومية أصبح مهملاً عندما تكون السياسة أقوى من العدالة.

كثير من القضايا اليوم تصل إلى المحاكم لأن النصوص القانونية غير واضحة أو تتعارض مع الممارسات السابقة، مما يجعل القرارات تختلف من حالة إلى أخرى.
وهذا يعني أن العدالة أصبحت غير متوقعة، وهو أمر يتنافى مع فكرة “دولة القانون”.

بهذا الشكل، تتحول قوانين الهجرة من أداة لحماية حقوق الإنسان إلى نظام يركز على الشك والمراقبة أكثر من حماية الحقوق والكرامة.

الحاجة إلى توازن وعدالة حقيقية

قوانين الهجرة ليست مجرد أرقام أو تصاريح.
إنها تمسّ حياة الناس ومستقبلهم.
وحين تصبح القوانين معقدة وغير مستقرة، ويُعاقب الناس على أخطاء صغيرة، فإن ذلك يهدد أساس العدالة في السويد.

إن السويد بحاجة إلى سياسة هجرة متوازنة – تحافظ على النظام، ولكن أيضاً على الإنسانية والكرامة.
لأن العدالة ليست خدمة تُمنح للبعض دون الآخرين، بل هي أساس الثقة بين الناس والدولة.